في ذكرى من أُرسل رحمة للعالمين محمد (ص) التأسي والاقتداء بأخلاقه وسيرته طريقنا إلى الإصلاح
لم يكن من الغرابة في شيء أن يدرج صاحب كتاب “المائة الأوائل” إسم نبينا الكريم محمد (ص) في المرتبة الأولى لهذه القائمة المئوية. فهذا الإنسان العربي الأمي اليتيم البسيط تمكن بجدارة من نقل أمة كانت تعيش في الحضيض وفي ظلام الجاهلية والتخلف بكل معانيها إلى نور الهداية والرشاد والحضارة والتألق.
وجميل فينا أن نحب هذا النبي العظيم الذي بهر العقول وحقق الإنجازات الباهرة والفريدة بفضل الله وبفضله وبفضل الرسالة التي أُرسل بها، وأن نواليه ونفتخر به، ولكن لا يكفي أن نحب ونوالي ونفتخر وحسب. ولابد أن يترجم ذلك الحب والولاء والفخر إلى اقتداء وتأسٍّ حقيقيين، وفي جميع جوانب حياتنا بلا استثناء. ولا يكفي أن نبكي عليه أو نقصر احتفالنا بذكرى وفاته وانتقاله إلى الرفيق الأعلى على العزاء والبكاء وذرف الدموع، بل لابد أن يتساوق ذلك البكاء وتلك الدموع مع الإرادة والتصميم على تغيير أنفسنا باتجاه التحلي بأخلاقه، والتأسي بسيرته في جميع جوانب حياتنا، وبذلك نكون قادرين على إحداث الإصلاح في مسيرة حياتنا.
لقد كان رسولنا الكريم (ص) صاحب سيرة تزخر بالجمال والحسن والتميز والأخلاق الفاضلة، وقد عبر عنه ربنا سبحانه وتعالى بقوله: ((وإنك لعلى خلقى عظيم)). والأخلاق هي أوسع مما قد نتصور، وأن نقتدي بأخلاق الرسول الكريم وسيرته الشريفة يعني أن ننظر ونفتش –بنصميم وجد ومسؤولية- في جميع جوانب حياتنا، ونتعرف على مواقع الخلل، ونحدث فيها تغييرات إيجابية باتجاه الإصلاح. لقد بعثه الله –سبحانه وتعالى- رحمة للعالمين، ليصلح الإنسان نفسه وأخلاقه وسيرته إلى ما هو حسن وجميل وفضيل ومشرِّف. وربنا سبحانه وتعالى يقول في شأنه ومكانته: ((ولكم في رسول الله أسوة حسنة)).
نعلم جميعا أن اتخاذ الرموز والقدوات الحسنة في الحياة هو مبدأ أساسي للنجاح، ومن متطلبات الفلاح والحضارة والتميز. ولذا، دعنا من الآن نقرأ أخلاق هذا الرمز العظيم بتأمل وصدق وجدية وتصميم على الاقتداء والتأسي والإصلاح بما للإصلاح من معنى. دعنا نعرض أنفسنا على أخلاقه العظيمة وسيرته الفاضلة التي أكبرها وشهد لها غير المسلمين قبل المسلمين، لتكون لنا تلك الأخلاق وتلك السيرة منارا وهدى وأكبر رصيد باتجاه إصلاح حياتنا. عار علينا أن نبقى نراوح في أماكننا وغير مصلحين لجوانب حياتنا وعلى مختلف المستويات، بينما خلّف لنا رسولنا الكريم (ص) تراثا عظيما من درر الكلم، ومكارم الأخلاق وجميل السيرة، ومقومات الإصلاح.
إذا كانت أوضاعنا الحياتية ونظام أمورنا ليست كما ينبغي، فهذا يعني أننا لم نضع تلك القيم والمبادئ التي جاء بها رسولنا الكريم (ص) بصورة صحيحة في حياتنا. ولذا من أجل إصلاح أمر حياتنا، وعلى جميع المستويات، دعنا من الآن نغير طريقة تفكيرنا غير الصحيحة ونضع تلك المبادئ القيّمة والجميلة التي جاء بها رسولنا الكريم (ص) في الفعل، وسنرى النتيجة. ولنعلم دائما أن الأفعال المتكررة المتماثلة القائمة على أفكار باهتة أو غير صحيحة تعطي نتائج واحدة، ولا تعطي تطورا أو إصلاحا. وحده تغيير الأفكار غير الإيجابية باتجاه الإصلاح ووضع الأفكار الصحيحة في الفعل والممارسة، والاستمرارية على ذلك، هو الكفيل بإحداث الإصلاح. ((لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)).
بقلم: السيد رضا علوي السيد أحمد