التضامن مع المظلومين من مضامين مدرسة الإمام الحسين (ع) ونهضته الخالدة

أن تكون مظلوما نتيجة ظروف واشتراطات معينة وتطالب بحقك وتدافع عنه وتناضل من أجل بلوغه، تلك قيمة أخلاقية سامية ومبدأ عظيم ينبغي لنا أن نتعلمه من مدرسة الإمام الحسين (ع) ونهضته الخالدة، وينبغي أن نعلمه لأطفالنا منذ نعومة أظفارهم لكي يكبروا ويترعرعوا وينموا معهم الإحساس بهذا المبدأ العظيم وبتلك القيمة الأخلاقية السامية، ويمارسونها في حياتهم. لقد قالها غاندي محرر الهند: “علمني الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر”. قالها ليس بقصد أن يضع الإنسان نفسه في دائرة المظلومية بإرادة منه، ولكن المقصود أن إذا أُوقع الظلم عليه من جهة أخرى ظالمة أن يهب لدفعه عن نفسه وينتصر لها، بالدفاع عن حقوقه والانتصار لها بغية بلوغها ونيلها.

وما أكثر المظلومين في هذا العالم الذي يعج بالظلم والجور وانتهاك الحقوق، وما أشد حاجة الإنسانية المظلومة على طول هذا العالم وعرضه إلى التضامن معها والوقوف إلى جانبها ودعمها على طريق أن تنال حقوقها. ها هم إخوتنا أبناء الشعب الفلسطيني الأبي، شعب الشهداء، مثال حي على ذلك. إنهم شعب مظلوم ما أحوجه إلى أن نتضامن معه، ونعيش قضيته، ونربي أجيالنا الجديدة على دعمه ونصرته، ونقدم له ما نستطيع من صور التأييد والدعم المساندة، وأن لا نستهين بأي شكل من أشكال الدعم والمساندة. هذا الشعب المنكوب ومنذ ما يزيد على أربعة وخمسين عاما يعيش أبشع الظلم والجور على يد دويلة إسرائيل المصطنعة الغاصبة، هذه الغدة السرطانية التي اصطنعتها المجموعات الصهيونية وبدعم من القوى الاستعمارية –وخصوصا بريطانيا- في قلب عالمنا العربي والإسلامي، لتبقى خنجرا مغروزا في خاصرته على الدوام. كلنا يتذكر ذلك الوعد المشؤوم لبلفور وزير الخارجية البريطاني، هذا الوعد الذي قضى في عام  1917م (أبان الحرب العالمية الأولى) بأن تكون أرض فلسطين -أرض العرب والمسلمين- دولة للصهاينة، وتتجمع إراداة الدول الاستكبارية على تشجيع هجرة أشتات اليهود من مختلف مناطق العالم إلى أرض فلسطين، أرض المقدسات، ويتسبب ذلك الوعد الجائر في مأساة طويلة لهذا الشعب الباسل كلفته وما زالت تكلفه الكثير من التضحيات والآلام والمحن والمآسي.  فأي ظلم يتعرض له هذا الشعب الجبار المقاوم على يد الصهاينة، وأي مجد وعزة يسطرها هذا الشعب الغيور لأمتنا وتاريخنا حينما يقوم بمقاومة المحتل –وبإرادة صلبة لا تلين رغم المعاناة والآلام والصعاب والمحن- لإرغامه على الانسحاب من أراضيه المحتلة ظلما وعدوانا! في كل يوم يقتل الصهاينة إخواننا ويدمرون بيوتهم ويعتقلونهم ويقتلعون أشجارهم ويجرفون أراضيهم ويصادرونها، وفي كل يوم نشاهد نعوش الشهداء على شاشات التلفاز تشيعها الإرادات المقاومة الهاتفة بالإصرار على طرد الاحتلال، وفي كل يوم نشاهد الغاصبين الصهاينة وهم يدمرون بيوت إخواننا ويتركونهم في العراء، كل ذلك يحدث في ظل التأييد الأميركي المطلق الظالم والموقف الأوروبي “الخجول المتأرجح” وصمت الأنظمة العربية المتفرجة، أفلا يدعونا إحياؤنا لذكرى نهضة سيد الشهداء، وهو إمام المظلومين وإمام المنتصرين لحقوقهم والدفاع عنها، أن نتذكر إخواننا في الأراضي الفلسطينية المحتلة ونعيش آلامهم، وأن نقوم بدعمهم وتأييدهم ونصرتهم بما نستطيع؟ أي مناسبة أكثر من عاشوراء الإمام الحسين يمكن أن تثير فينا مشاعر التوق إلى دعم إخوتنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟ كل دعم نقدمه لهم مهما صغر هو مطلوب ولا ينبغي أن نستهين به. إذا كان ليس بالإمكان أن نقاتل إلى جانبهم، فبإمكاننا أن نجعل قضيتهم جزءا من تركيبتنا الثقافية، أن لا ننسى قضيتهم، أن نرددها في كل مجمع ومحفل، أن ندعو لهم في كل صلاة بالخلاص من هذه المأساة، أن نقدم لهم الدعم المادي والسياسي جهد ما نستطيع. وهذا مما ينبغي أن نتعلمه من نهضة الإمام الحسين (ع).

بقلم: السيد رضا علوي السيد أحمد

11/2/2004م